أخبار عاجلة

توضيحات قانونية تسوغ إعلان المناطق المتضررة من السيول الجارفة "منكوبة"

توضيحات قانونية تسوغ إعلان المناطق المتضررة من السيول الجارفة "منكوبة"
توضيحات قانونية تسوغ إعلان المناطق المتضررة من السيول الجارفة "منكوبة"

كثيرون تساءلوا خلال الأيام الماضية عن الموانع أو الأسباب التي يمكن أن تكون وراء عدم توجه الحكومة المغربية نحو إعلان المناطق التي تضررت بالسيول والأمطار، كطاطا وبعض مناطق الجنوب الشرقي، مناطق “منكوبة”، نتيجة للخسائر التي عرفتها، سواء البشرية أو المادية، بما يمكنها من تعويضات وبرامج للإغاثة وإعادة البناء والتأهيل.

وطالب منتدى “إفّوس” للديمقراطية وحقوق الإنسان رئاسة الحكومة بإعلان منطقة سموكن بجماعة تمنارت بإقليم طاطا “منطقة منكوبة وإيلاء أهمية كبرى لإعمارها وفق منظور عمراني جديد”، بعدما تكتل حقوقيون وجمعيون في الآونة الأخيرة بغرض صياغة بيانات وملتمسات يريدون من خلالها مطالبة المؤسسة التنفيذية بإعلان طاطا “إقليما منكوبا واستنفار كل الموارد الوطنية وتوفير الدعم المالي واللوجيستي”.

البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977 يسجل في هذا الصدد أن “من بين شروط الإعلان عن منطقة منكوبة أن تكون تأثيرات الكارثة ألحقت خسائر فادحة على مستوى البنية التحتية والأرواح وتعذر على السلطات المحلية تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان”.

ويقول أساتذة في القانون العام والعلوم السياسية إن “إعلان منطقة معينة منكوبة يرتبط أساسا بالسلطة التقديرية لرئيس الحكومة وبمنسوب الأضرار التي خلفتها الزلازل أو الفيضانات أو أي كارثة طبيعية أخرى على أرض الواقع، وهو ما يستوجب أن يتم إرفاقه بتفعيل صندوق الكوارث الطبيعية لتعويض الذين لا يتوفرون على تأمينات خاصة أو مهنية”، معتبرين أن “الدولة لم تلجأ إلى هذا الخيار في أوقات سابقة أكثر حدة من اليوم، مما يجعل القرار في هذا الصدد حكوميا صرفا يرتبط بسلطتها التقديرية”، قبل أن يؤكدوا أنه “يمكن للحكومة الإفراج عن برامج لتأهيل هذه المناطق بدون إعلانها منكوبة”.

“حسابات ميزانياتية”

عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر بداية أن “إعلان منطقة منكوبة يعني توفير مجموعة من التعويضات لفائدة غير المتوفرين على تأمينات، مما يشكل تبعات مالية بالنسبة للمؤسسة التنفيذية، غير أن عدم اللجوء إلى هذا القرار لا يعني أنه لن يتم تنفيذ التدخلات للإغاثة الاستعجالية؛ ففي السابق كانت لدينا تجارب بالحجم نفسه وأكثر ولم يتم خلالها إعلان أي منطقة منكوبة”.

العلاّم بيّن ضمن إفادته لهسبريس أنه “مبدئيا، ليس هناك أي موانع قانونية أمام الحكومة من أجل إعلان مناطق الجنوب الشرقي، مثلا، منكوبة، بل يرتبط الأمر بحسابات ميزانياتية وخيارات اقتصادية وسياسية كذلك، خصوصا إذا أشرنا إلى أنه ليس كل ما نجم عن الأمطار هناك سلبي”، موردا أن “إعلان منطقة ما منكوبة، هو خيار معقد يستوجب أولا جرد مختلف الخسائر التي لحقت أملاك المواطنين وتفعيل صندوق الكوارث الطبيعية”.

الأستاذ الجامعي أكد أن “هذا الصندوق كان في الأساس من الواجب تفعيله؛ لأننا أمام كارثة طبيعية في نهاية المطاف، وتعويض الأفراد غير المتوفرين على تأمينات ذاتية بالاعتماد على موارده؛ فالحكومة يمكنها كذلك أن تجزئ وتحدد بشكل معين المناطق المنكوبة والقيام بما يلزم بخصوصها، بل ويمكنها أن تتجاوز هذا الخيار على حسب استطاعتها لتوفير حلول لدعم المتضررين وخفض منسوب الاحتجاج ضدها”.

“سلطة تقديرية”

رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال من جهته إن “إعلان منطقة معينة منكوبة، هو في نهاية المطاف مسألة تنظيمية وتقديرية لرئيس الحكومة، بالتنسيق مع الوزراء الآخرين، حسب حجم الأضرار وعدد المتضررين؛ فهذا الإعلان يعني بطريقة مباشرة تفعيل صندوق التعويض عن الكوارث الطبيعية وتسخير موارده لتعويض المواطنين، غير أن عدم الإعلان عنه لا يعني قصور تدخلات السلطة التنفيذية”.

وحسب اعميمي متحدثا لهسبريس، فإن منطقة الجنوب الشرقي وطاطا، على سبيل المثال، “هي في الأصل منكوبة تنمويا بحكم الواقع وعلى مدار عقود، لا نحتاج الإعلان حتى تصبح كذلك، ولا نحتاج كذلك إلى مرسوم حكومي من أجل أن نستعجل تنميتها والقيام باللازم”، موردا: “علينا أن نتذكر أن الحكومة لم تعلن قبل سنة منطقة الحوز وباقي المناطق منكوبة بحكم الزلزال”.

كما لفت إلى أن “ما حدث في الآونة الأخيرة بالمناطق التي ضربتها السيول يسائل سياسة الجهوية الموسعة التي اعتمدناها منذ سنة 2015، حيث بموجبها صار بإمكان الجماعات الترابية أن تضطلع بصلاحيات كبيرة، بما فيها البنية التحتية والطرق التي صارت من اختصاصات العمالة والإقليم ومجالس الجهات”، خالصا إلى أن ما كشفت عنه السيول الأخيرة التي عرت هشاشة البنية التحتية، تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عنه هذه الجماعات الترابية.

“قرار سياسي”

رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، اعتبر من جهته أن “الحكومة يبدو أنها مترددة في مسألة إعلان منطقة معينة منكوبة؛ فاتخاذ هذا القرار يكون تحت المسؤولية السياسية لرئيس الحكومة، ويكون في نهاية المطاف خيارا سياسيا وليس قانونيا؛ فلا مانع قانونيا أمام المؤسسة التنفيذية في هذا الصدد، في حين يتعلق الأمر فقط بسلطة تقديرية لرئيس الحكومة”.

وأضاف لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “هذا القرار مرتبط أساسا بتفعيل صندوق الكوارث الطبيعية الذي لم يتم تفعيله حتى في فترة زلزال السنة الماضية، وهنا لا يزال التساؤل مطروحا حول المانع من تفعيل هذا الصندوق الذي يتيح للمواطنين الذين لا يتوفرون على تأمينات خاصة الاستفادة من تعويضات عن الخسائر التي تخلفها أي كارثة طبيعية في أملاكهم الخاصة”، مؤكدا في الأخير أن “السلطة التقديرية لرئاسة الحكومة هي التي تقف وراء إعلان أو عدم إعلان منطقة ما منكوبة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ارتفاع غير مسبوق في أسعار الذهب بمصر: ماذا يعني ذلك للمستثمرين؟
التالى رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسى تعزيز علاقات التعاون